أكثر من مليون وفاة بكورونا في العالم
أودى وباء كوفيد-19، الذي ظهر في الصين في كانون الأول/ديسمبر عام 2019 قبل أن ينتشر في جميع أنحاء العالم، بحياة أكثر من مليون شخص، وفق حصيلة أعدتها وكالة فرانس برس بالاستناد الى مصادر رسمية الإثنين.
وقال مدير برنامج الطوارئ في منظمة الصحة العالمية مايكل راين الجمعة إن “مليون حالة (وفاة) رقم فظيع” محذرا من أنه “من المحتمل جدا” أن تتضاعف الحصيلة.
وتبدو التوقعات قاتمة مع ارتفاع عدد الإصابات مجددا في أوروبا والشرق الأوسط وآسيا، ما يعزز المخاوف من احتمال حدوث موجة ثانية، فيما تقابل القيود الصحية التي تفرضها الحكومات، مثل تدابير العزل وإغلاق الحانات والمطاعم أو حظر التجمعات، في العديد من البلدان باستياء متزايد من السكان.
وأصيب أكثر من 32,9 مليون شخصا رسميًا منذ بداية الوباء، بينهم ما لا يقل عن 22,5 مليون تعافوا حتى اليوم. وسجلت الولايات المتحدة (نحو 205,000 وفاة) والبرازيل (142 ألف وفاة) والهند (100 ألف) والمكسيك (أكثر من 76 ألفا). ويشكّل عدد الوفيات في هذه البلدان أكثر من نصف حصيلة الوفيات في العالم.
وتجاوزت الهند، حيث يتم تسجيل ما بين 80 ألف و90 ألف إصابة جديدة يومية، عتبة ستة ملايين إصابة الاثنين.
وحذر المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبريسوس الجمعة من أنه لا يمكننا “إنقاذ الناس اليوم بمجرد الصلاة أو تطوير لقاحات لن تأتي إلا في وقت لاحق”.
– من حلبة للتزلج إلى مشرحة –
دخلت خمسة لقاحات (ثلاثة تطور في الغرب واثنان من الصين) المرحلة الثالثة من الاختبار. وصدرت عن اللقاح الروسي المحتمل “سبوتنيك” نتائج أولية مشجعة.
لكن الأبحاث لا تزال غير قادرة في الوقت الحالي على مجاراة سرعة تفشي الفيروس.
في 11 آذار/مارس، عندما أعلنت منظمة الصحة العالمية أن فيروس كورونا المستجد أصبح “وباء” عالميا، سجلت 30 دولة ومنطقة 4500 وفاة، ثلثيها في الصين ولكن إيطاليا (800 وفاة) وإيران (300 وفاة) شهدتا ارتفاعا سريعا في حصيلة الوفيات.
ففي إيطاليا، التي كانت أول دولة بعد الصين تفرض تدابير العزل على سكانها، أثارت شهادات الأطباء المنهكين أمام تدفق المرضى حيث كان يتعين عليهم اختيار من يعالجون “كما في أيام الحرب” صدمة عارمة.
وتفشى الوباء سريعا في إسبانيا، التي أصبحت ثاني أكثر البلدان تضررا في أوروبا. ففي مدريد، تم تحويل حلبة تزلج على الجليد إلى مشرحة.
وفي الإكوادور، امتلأت شوارع غواياكيل، ثاني مدن البلاد، بالجثث المتحللة. وتم تشكيل قوة خاصة لإزالتها.
– “قبل وبعد” –
عندما تجاوزت فرنسا عتبة 3 آلاف وفاة في نهاية آذار/مارس، كان باتريك فوغ، الطبيب في مولهاوس (شرق)، في صفوف المواجهة الأمامية مع الوباء. وقال متأثرا “بدأ رصد وفيات بين الأطباء” مضيفا “هناك قبل (الوباء) وبعده”.
في المملكة المتحدة، باتت استراتيجية ترك الفيروس بانتظار تشكّل “مناعة القطيع” غير ممكنة ففرضت السلطات تدابير الإغلاق في 23 آذار/مارس.
وفي بداية شهر أيار/مايو، تجاوزت حصيلة الوفيات في بريطانيا تلك المسجلة في إيطاليا مع إعلانها أكثر من 30 ألف وفاة.
واضطر أكثر من 4,5 مليار شخص في 110 دول أو أقاليم، طوعا أو بشكل إلزامي، لالتزام الحجر في منازلهم.
وتوالى تأجيل أو إلغاء الأحداث الرياضية والثقافية الكبرى، مثل دورة الألعاب الأولمبية بطوكيو ومهرجان كان السينمائي وبطولة أمم أوروبا 2020 وبطولة كوبا أميركا لكرة القدم وبطولة الدول الست للرغبي.
كما شل الوباء حركة الطيران في العالم بأسره تقريبا. وقدرت منظمة الطيران المدني الدولي أن يسجّل القطاع عجزا بنحو 419 مليار دولار عام 2020.
وما لبثت أن تأثرت اقتصادات العالم الرئيسية، حيث سُجل انكماش غير مسبوق في الربع الثاني. ففي الولايات المتحدة، أكبر اقتصاد في العالم، بلغت نسبة التراجع 9,5%، وفقًا لمنظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي وتم إلغاء أكثر من 20 مليون وظيفة هناك في نيسان/أبريل.
وأما الصين، ثاني أكبر قوة اقتصادية في العالم، فتمكنت من تفادي الركود من خلال الحد من انتشار الوباء.
– مانو ديبانغو وإليس مارساليس –
وطال الوباء رؤساء دول وحكومات، مثل رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون الذي نُقل إلى العناية المركزة من 6 إلى 9 نيسان/أبريل.
كما أودى بحياة شخصيات بارزة مثل الموسيقي الأميركي إليس مارساليس أو أسطورة الجاز الكاميروني الشهير مانو ديبانغو.
كما قضى على عائلات بأكملها. ويقول البيروفي خوان دياز “إنه كابوس”. وفقد هذا المدرّس (58 عاما) في غضون أسابيع قليلة والده سيسيليو (80 عامًا) ووالدته إديث (77 عاما) وشقيقيه إرنستو (54 عامًا) وويلي (42 عامًا) وشقيقته ماريبل (53 عاما).
– “شرخ عميق” –
وأثر الوباء حتى على طريقة الوفاة. وأشارت عالمة الاجتماع الفرنسية الإسرائيلية إيفا إلوز إلى أنه “لم يعد بإمكان رجال الدين أو العائلة زيارة المحتضرين وهذا يمثل شرخًا عميقًا”.
وتقول مونيكا فارياس إنه أمر “مدمر”، إذ لم تتمكن هذه الأرجنتينية سوى من تبادل بضع كلمات عبر الهاتف مع والدها قبل وفاته.
وتم اختصار مراسم الدفن. فمثلا، اضطر العراقيون لدفن أقاربهم لأشهر في مقبرة خاصة قرب النجف جنوب بغداد.
وفي جنوب إفريقيا، ارتدى عمال الدفن ملابس واقية صفراء فاقعة. في سان كريستوبال في فنزويلا “لا يسمح سوى بحضور عمال الدفن”، وفق العامل في المقبرة فيرمين بيريز.
في الولايات المتحدة، الدولة الأكثر تضررا في العالم، يحتل الوباء، الذي قلل من شأنه الرئيس الأميركي دونالد ترامب، مكانة بارزة في الحملة الانتخابية للاستحقاق الرئاسي المقرر في تشرين الثاني/نوفمبر.
وفي البرازيل، ثاني أكثر الدول تضررا، أعاد الوباء إحياء المخاوف في الأمازون، عندما أودت أمراض الأوروبيين بحياة 95% من السكان الأصليين في أميركا.
في آسيا، تواصل أعداد المصابين ارتفاعها منذ نيسان/أبريل. وتسجّل القارة حاليا نحو 1500 إصابة يوميًا.
مع ذلك، يبدو أن إيطاليا لم تستسلم، ولم تتجاوز عدد الإصابات اليومية لأسابيع عتبة الـ2000. وأشادت منظمة الصحة العالمية على تويتر الجمعة بالأمر قائلة أن الإيطاليين “ردوا بقوة وعكسوا الاتجاه”.
أ ف ب