أستاذ جامعي يحرق نفسه على طريقة البوعزيزي بعد إهانة الدرك له
(وكالات)
عماد غانمي تونسي عمره 43 سنة وهو طالب يحضر أطروحة الدكتوراه. وبسبب البطالة، اضطر ليعمل بائعا متجولا، وقد صادر رجال الدرك بضاعته ودراجته النارية يوم الثلاثاء 5 يوليوز في قرية الحنشة الواقعة في منطقة صفاقس. أثناء احتجاجه على هذه المصادرة، أشعل النار في نفسه أمام مركز الأمن. وقد توفي يوم الجمعة متأثرا بجراحه. وهذه قصة تذكرنا بقصة محمد البوعزيزي الذي كان إحراقه لنفسه بسبب اليأس شرارة الثورة التونسية عام 2010.
عماد غانمي متزوج ولديه ثلاثة أطفال .يقول عنه أقاربه إنه شخص لامع وإنه كان يكمل إعداد أطروحة الدكتوراه في الرياضيات. وحتى آخر غشت كان يدرس في المعهد الوطني للعلوم التطبيقية والتكنولوجيا في تونس، وكان من المقرر أن يناقش أطروحته في شتنبر.
لكن بانتهاء عقده في المعهد الوطني المذكور أصبح عماد غانمي غير قادر على مواصلة عمله كأستاذ.ولكي يستطيع إعالة أسرته، بدأ يبيع السلع المهربة، ولا سيما السجائر.
“قال لي: “أحس أنني سأرتكب حماقة!”
بعد مصادرة بضاعته ودراجته النارية، اتصل عماد بصديقه جاماك طلبا للمساعدة، وكان آخر شخص من معارفه يراه قبل أن يقرر في ساعة غضب حرق نفسه.
كان عماد يركب دراجته النارية من نوع سكوتر عندما ألقى عليه عناصر الدرك في مركز الحنشة القبض . كانت الساعة تشير إلى 2 صباحا في ليلة يوم الإثنين . كان يحمل صندوقين من السجائر اشتراها من حيث يحصل على السلع المهربة وبعض المال .
صادر رجال الدرك بضاعته وأمروه بإخلاء المكان. فابتعد عماد ولكن أمسك به رجلان . وكان المشهد هذه المرة بعيدا عن الأنظار. وحسب ما أخبرني، فقد وجها إليه إهانات لفظية، وطلبا منه دراجته السكوتر وماله. حاول عماد أن يرفض. لقد كان هذا المال لشراء الهدايا لأطفاله بمناسبة العيد أما دراجته النارية فكانت زوجته هي التي اشترتها قبل زمن غير بعيد بواسطة قرض. وعندما كان يحتج، لكمه أحد الرجلين في أنفه.كان يبكى وهو يخبرني كل هذا على الهاتف.
جئت على الفور لآخذه بالسيارة. كان يشعر بالذل والغضب، فحاولت تهدئته. بعد أن التقيت به، ذهبت إلى مركز الأمن وحاولت التفاوض معهم لاسترجاع دراجته. أخبرتهم إلى أي حد كان صديقي في حالة مالية غير مستقرة.لكنهم ردوا بازدراء: “قسم الأمن ليس المساعدة الاجتماعية!” وقالوا إنه مخطئ، وإن تلك السلع مهربة. فحاولت أن أجيبهم بأنهم أيضا تجاوزوا القانون عن طريق الاعتداء عليه جسديا.
انتظر عماد عودة رئيس الدرك المناوب نحو الساعة 9 صباحا يوم الأحد ليقدم شكوى ضد العونين. لكنهم رفضوا استلام الشكوى. فثارت ثائرته. لم يتحمّل هذه الإهانة من جديد. اتصل بي قائلا: “أحس أنني سأرتكب حماقة!”. واتصل بزوجته أيضا.
المطافئ هم من أخبروني بحرقه لنفسه لأنهم اتصلوا بآخر رقم كان عماد قد اتصل به . وقد نقل إلى المستشفى في صفاقس في حالة خطيرة جدا.
“لم يحدثني أبدا عن حرق نفسه، بالعكس كان يدين هذه الأفعال”
أحمد أخو عماد علم للتو بخبر وفاة أخيه. وهو يحكي لنا عن حسرته
عماد اشترى بعض السلع من سوق صفاقس وبعض السجائر وتبغ الشيشة على وجه الخصوص. كان يعلم أن هذه التجارة غير قانونية، لكنها كانت تمكنه من الإنفاق على أسرته.
على حد علمي، لم يستخدم رجال الدرك طفّايات الحريق بعد أن أضرم النار في نفسه. أصيب جسم أخي بحروق بنسبة 87 في المائة. كان أخي الوحيد. لم يكن ضعيفا نفسيا ولكنه كان يشعر بأن لا أحد يقدر قيمته. درس أكثر من ثماني سنوات واضطر في النهاية ليكون بائعا متجولا وتعرض لسوء المعاملة ورفضت شكايته…فطار عقله!
لم يحدث أبدا عن حرق نفسه، بالعكس كان يدين هذه الأفعال. ومع قيام ثورة 2010 ، كان يأمل في تغيّر الأوضاع. سأرفع شكوى بتهمة الاعتداء وعدم مساعدة شخص في خطر، رغم أنني أعرف إلى أي حد ستظل الشرطة في تونس تتمتع بإفلات شبه كامل من العقاب