كاتبة مغربية تفضح زيف إخوان “الفقيه” الريسوني وتهاجم “هاجر العذراء”
الرسالة الأولى:
مساء الخير هاجر
لا خير في هذا المساء، ولا في المساءات التي سبقته!
كل مساءاتنا بئيسة يا هاجر! نحن المنسيون، الموجودون أسفل السلم الاجتماعي!
كثيرون كتبوا لك رسالات صباحية، أما أنا فرسالتي مسائية، لا لشيء، ولا لقصد، إلا لأن مسائي يكون طويلا جدا!
منذ فترة بعيدة جفاني النوم وصار الأرق حليفا لي، والسبب سوء تشخيص طبي سبب لي تبعات، طبعا الأمر ليس بالجديد يا هاجر، ولا بالخبر الفريد داخل هذا البلد العزيز…
ضحايا الأخطاء الطبية بالآلاف، لكن لا زوبعة يحدثها الأمر كما يحدثها “جسد” امرأة…
حقيقة، لا أعرفك يا هاجر كما أنك لا تعرفيني ولم يحدث قط أن قرأت لك مقالا، ولا أخفيك أني ما عدت أطالع جرائدنا الوطنية، ولا حتى تلك التي تشتغلين بها…
أتتصورين يا هاجر، فجأة صار زملاؤك الصحفيون يتحدثون عن مبادئ وأخلاق الصحافة ويستنكرون التشهير؟ منذ قرأت البيان وأنا أضحك وأمام أعيني تظهر عناوين عريضة لمقالات صحفية كان “لحم” الناس وعرض الناس وأخبار الناس وصور الناس مادة دسمة لها؟ أصبت بالتخمة وأنا أقرأ على صفحات جرائدنا المبجلة: هذه تفاصيل تفكيك عصابة تنشط بالدعارة، مقتل امرأة على يد عشيقها، العثور على جنين ملقى به بالقمامة، القصة الكاملة للأستاذة التي ارتبطت برجلين، هذه هي السيدة التي أسقطت قائد المقاطعة!
أو ليست أجرة الصحفي مستخلصة من بيع أخبار الناس ومن التشهير بالناس؟ لما غاضهم الأمر الآن حين تحولت زميلة لهم من كاتبة للخبر إلى خبر؟ أم أنها الصحافة يا هاجر، مثل القطة عندما جاعت أكلت لحم أبنائها!
تصوري يا هاجر أن اخوان عمك وأصدقاء مدير نشر جريدتك السابق، بعد ما حفوا اللحي واستبدلت نساؤهم “الفولار” المغربي بالتركي الأنيق، وأظهرن شعيرات شعرهن، وغيروا هندامهم، وركبوا أحدث موديلات السيارات، ساروا اليوم في ركب المطالبين باطلاق سراح سيدة مغربية أجهضت دون مسوغ قانوني، وهم المنتمون إلى حزب مرجعيته اسلامية! فقط لأنها تحمل اسما يقولون أنه من “عائلة العلم والنضال”…
أو نسوا أن حبيبنا محمدا قال: لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها؟ لم يسقط النسب العقوبة عن ابنة المصطفى، فكيف يسقطوها عن من سواها؟ فليطبقوا القانون يا هاجر، أم أن القانون لا يطبق إلا على المستضعفين ومهيضات الجناح…
لن أستغرب لموقفهم الآن يا هاجر، أو لم يقل كبيرهم الذي علمهم السحر “عفا الله عما سلف” ثم تنعم بتقاعد مريح! وهو الذي صرخ ملئ فيه ذات معارضة بتفعيل المحاسبة..
أتخيل لو كانت مغربية أخرى غيرك كيف سيكون الحال، أكيد كانوا نصبوا لها المشانق وقالوا فيها الأقاويل الباطلة..
محظوظة أنت يا هاجر، حتى عند الخطيئة ناصرك أبناء القبيلة…
ببلدنا حتى التضامن يحتاج إلى “جدة في العرس” يا هاجر، وعند مخالفة القانون يحتاج المرء إلى مظلة “الجماعة” –جماعة المهنة والانتماء- تقيه شر العقوبات، بدعوى أنه “مستهدف”! أو لا تأكلون وتشربون وتمشون في الأسواق وتقعون في المحظور مثلنا؟!
كتب أحدهم أمس: أطلقوا سراح الرايسوني لا لاجهاض الصحافة… سألته: ما حكم الاجهاض؟ أو ليس محرما شرعا ومجرما قانونا؟ فلما تطالبون باطلاق سراح الرايسوني دونا عن غيرها؟ أو لم تجهض؟ أتعلمين بما رد، أكيد تعرفين لأن الاجابة واحدة يكتبها الجميع هنا دون استحياء: أهي الوحيدة التي أجهضت؟ بالمغرب 800 حالة اجهاض سرية كل يوم فلما اعتقلوا بالضبط هاجر؟
ببلدتي يا هاجر، يطالب الجميع بضرورة ربط المسؤولية بالمحاسبة وتطبيق القانون على رئيس الجماعة الذي يعيث فسادا ويتلاعب بالميزانية، أو تعلمين كم رئيس جماعة سبقه اغتنى من المال العام وترك البلدة خاوية على عروشها دون حسيب او رقيب، فلما نطالب الآن بتطبيق القانون على هذا دون غيره، أهو الرئيس الفاسد الوحيد؟ كم حالة “فض” لبكارة ميزانية الجماعات والمجالس تتم باليوم، أو ليس هذا استهداف لرئيس بلدتنا دونا عن غيره؟! هذا هو منطقهم الأن يا هاجر…
من يناصر الاجهاض يا هاجر؟ لا أحد يرغب باجهاض الاحلام ولا أحد يصفق لاجهاض المشاريع أو اجهاض “الصحافة”، فكيف يبتغون اجهاض الأجنة؟
تخيلي معي يا هاجر، أن تلك الأجنة المستضعفة التي ترغب بالحياة، تطوق لأن يخرج من يدافع على حقها في الحياة مثل ما يدافعون عن حق النساء في التصرف في أجسادهن؟ أم أن المستضعفين لا حماة لهم، ولا بواكي لهم، ولا من ينشر هاشتاغا دفاعا عنهم: #نعم من أجل الحق في الحياة
بقلم: كريمة قاسم