عندما يلتقي الأمل بالعمل الإنساني الجاد
محمد الحوات أكاديمية الدار البيضاء_سطات
في مساحة إنسانية رحبة و بقلوب باذخة في عطائها و أريحيتها الشامخة، تتبدى أفئدة الصغار ملأى بالحبور و النشوة في فضاء يحتبل بالفني الجمالي و المعرفي النمائي و الرياضي الحركي ضمن رؤية استشرافية لطفل الغد ببعد اجتماعي رائد، تحيطها أركان تربوية و طفولية سامقة المعنى في عالم الطفل الذي يكبرنا بأميال و أميال من الخطوات البريئة نحو إنسانيته العفوية.. يعيش عالمه دون صخب و دون افتعال بل هو الألق السرمدي الذي يدوم في حياة الإنسانية رغم النسيان و رغم فقاعات اللامعنى في عالمنا..
فضاء من فضاءات المعنى الممتليء زخما في برج طفولي يتغنى بالمعنى الثابت و الحقيقي لسؤال تربية اليوم و طفل المستقبل، استشرافا لنموذج المعنى الإنساني اللامادي الذي يرسخ وجوده مهما طرأ من تغير في مَناخات الصراع و الانتقائية و الفردانية بل هو الأمل الوحيد لوجود طفل يجسد معنى الصراخ الأولي لوجود جديد ..
بل هو وجود يُعوَل عليه، بل هو المنشأ لأي مجتمع إنساني يبتغي الرقي و الحضارة و احترام حق الطفل في تمدرسِ ملائم و هادف.
من هنا المبدأ و المنتهى : أي تربية مستقبلية لأي جيل نريد؟
في رحاب مؤسسة”عاليا” للتعليم الأولي التمهيدي بحد السوالم بأيادي جمعية.
مشروع تربوي اجتماعي رائد بجماعة حد السوالم إقليم برشيد، مؤسسة “عاليا”للتعليم الأولي التمهيدي بطاقم تربوي ملتزم بالعمل الريادي ضمن خلايا متكاملة لكل مناحي الحياة التربوية رغبة في تقديم الأجود بأيادي بيضاء تسهر على كل كبيرة و صغيرة تهم روادها الأطفال من كلا الجنسين المنحدرين من مستويات اجتماعية تتسم بالهشاشة و ذوي الوضعيات الصعبة و أطفال المهاجرين و غيرهم.. منذ سنواتهم الأولى نحو التنشئة و التعلم و الاحتضان و كل ذلك بقيادة ماما” أمال” – بتعبير الصغار – “الدكتورة أمال” المتيمة بحب الأطفال الإنسانة الجمعوية الكبيرة أفقاً و تفكيراً و انفتاحاً…
فالتربية قيمٌ و فنٌ و ممارسةٌ تتجه نحو التنشئة الاجتماعية في كل جوانبها، و تحيط بالفرد إحاطة شاملة في واقعه و مستقبله، تؤسس له سبل الحياة وفق منظور إنساني متكيف مع محيطه المحلي و الكوني باحترام تام لمقتضيات الشخصية الإنسانية السليمة في معانيها الكبرى و في مبناها الراسخ لتوالي الأجيال رقياً و تسامحاً و حضارةً.
ذلكم الرحاب الذي تبنى فيه العلاقات و تلتئم القلوب و تشرئب أعناق الصغار لرؤية عالم اليوم في حلته الطبيعية لغةً و تعلماً و مرحاً و استئناساً بعالم الطفولة الذي لا يتجاوزهم إلى الكبار، بل هو فهم حقيقي للطفولة دون تعصب أو وصاية بائدة، ففهم الطفل في عالمه الخاص و في مرحلته النمائية الطبيعية- بتعبير علم نفس الطفل – حيث يقترن النمو مع التعلم في توازي متناغم، فالطفولة أس محطات هذا الكائن التي تبنى عليها جميع مراحل حياته إن إيجاباً أو سلباً- إن تسامحاً و اختلافاً أو تعصباً و فردانيةً-، و لا سبيل إلى خلق مسافة بينهما، و تليها الأجيال متعاقبة كما تم تأسيسها الأولي منذ جيناتها الطفولية الأولى.
فلا يحق إلا الحقيق.. طبعا في فكر عقلاني متنور و في عالمٍ متسامحٍ .. فالطفل هنا هو المبدأ لتشكيل جينات المجتمع، و هو الأساس الذي يلتئم بالأرض في تناغم تام بين الإنسان و الطبيعة، و ما الخلق الأول إلا تأسيسٌ لهذا المنهج الوجودي الأول.
فالأمل الذي استلهِم من بقعة شبه قروية – حد السوالم – قرب القطب الاقتصادي للمغرب، ترسَخ واقعاً على الأرض بأيادي جمعوية همها الأساسُ قوة الفعل على أرض الواقع مستلهمين تجارب تربوية رائدة في عالم الطفل و فضاءات التنشئة و التكوين دون تمييز أو تنافر بين جميع رواد المؤسسة و بين أطرها و مشرفيها..
فكيف السبيل إلى الانتقال من الاعتراف بالعمل الجمعوي ضمن مجتمع منفتح إلى قوة الفعل و الاقتراح و تطوير النموذج ؟ تعتبر مؤسسة”عاليا” نموذجا وفق نماذج دول رائدة في مجال التربية و التعليم كاليابان مثلا، كيف؟ فالإطعام المدرسي و تهيئة الفضاءات و احترام أوقات التمدرس و تعدد طرائق و وسائل العملية التعليمية و انفتاح الأركان و مستوى هندسة المؤسسة و النقل المدرسي و التعاون الاجتماعي في كل مناحي حياة الطفل مأكلاً و ملبساً و مسلكاً كلها أسسٌ و ثوابت لنظم التربية الحديثة بغض النظر عن المجالية و جغرافيتها، فالإنسان أُقْدر على العمل وفق نظم الطبيعة المختلفة.
فعنفوان العمل الجمعوي تظهر نتائجه إنْ عاجلاً أو آجلاً إذا استحضرنا البعد الإنساني و قوة الفعل – من الوجود بالقوة إلى الوجود بالفعل – و خاطرنا من أجل رُقي الإنسان لأنه الثابت الوحيد في عالمنا دون لفٍ أو دورانٍ، فالتربية أُم الإشكاليات في العالم المعاصر ..
فعلى قدر أهل العزم تأتـي العزائــم …
و تأتـي على قدر الكرام المكـــارم …