عبد القادر البدوي يهاجم مجلس جهة الدار البيضاء ويكشف حقائق مثيرة حول التعامل مع المبدعين
خرج عميد المسرحيين المغاربة عبد القادر البدوي عن صمته ليعلن موقفه من المهرجان الجهوي للمسرح الذي ينظم بالدار البيضاء.
وجاء موقف البدوي عبارة عن رسالة نشرتها حسناء البدوي على الفايسبوك وجاءت كالتالي: “توصلت بدعوة من الفنان عبد الإله عاجل، رئيس مسرح الكاف لحضور افتتاح مهرجان مسرحي على مستوى جهة الدار البيضاء سطات يوم 3 يونيو 2018، و أود أن أشكر مسرح الكاف على ترشيحه للتكريم في هذه الدورة مسار عبد القادر البدوي الفني و النضالي في هذا الوطن، و أثمن هذه المبادرة التي تحمل كل معاني الإحترام و التقدير و الوفاء من طرف مجموعة من الفنانين الذين عاصروا مدرسة البدوي لعقود و الذين أعتز بهم و أحترم تجربتهم. و لكنني بكل أسف أقدم اعتذاري لكم عن عدم تمكني من تلبية دعوتكم التكريمية، ذلك لأن هذا المهرجان المسرحي يعقد بدعم من مجلس جهة الدار البيضاء سطات، مجلس يتعامل رئيسه و أعضاؤه المسؤولين عن الثقافة بمنطق الإقصاء و التهميش لمسرح عبد القادر البدوي الذي يحتفل هذه السنة بالذكرى 66 على تأسيسه بمدينة الدار البيضاء، مجلس رفض رئيسه استقبالي كمواطن و كرائد من رواد المسرح المغربي منذ توليه لمنصبه و ترك عبد القادر البدوي و مشاريعه الثقافية التي تقدم بها لمجلس الجهة لما يزيد عن سنتين في قاعة الإنتظار، مجلس لم يف بوعوده لساكنة و فناني جهة الدار البيضاء سطات و ذلك بإعادة احياء التقاليد الفنية و المسرحية و صيانة الثرات الثقافي اللامادي للجهة و فضل ربط المسرح المغربي بالمناسبات و المهرجانات و ب “فطرة رمضان”، في الوقت الذي نظمت فيه النقابة الوطنية لرجال المسرح سنة 1979 ” التي كان لي شرف ترأسها” مهرجان رمضان المسرحي بالدار البيضاء، قدمنا خلاله 100 عرض مسرحي و موسيقي لمختلف الفرق المحترفة آنذاك”.
نحن نحتاج كمواطنين و كفنانين لمجلس جهة له رؤية ثقافية تهتم بالبنية التحتية الثقافية للجهة، مجلس يرمم القاعات الآيلة للسقوط ويتفاوض مع مالكي القاعات السينمائية المغلقة من أجل أن تصبح مراكز ثقافية ذات برنامج ثقافي يرسخ لهويتنا ويساهم في التنمية الفكرية و الإجتماعية، يتفاعل فيه الشباب و الأطفال و العموم، مجلس يدعم الفرق المحترفة بالجهة، مجلس يشيد متاحف فنية متنوعة لحفظ الذاكرة الثقافية و الفنية المغربية بجهة الدار البيضاء سطات بما فيها متحف لمسرح عبد القادر البدوي الذي أسس للمسرح المغربي منطلقا من مدينة الدار البيضاء سنة 1952 بدرب السلطان مهد الحركة الوطنية، مسرح ساهم في تشكيل ملحمة استقلال الوطن من الإستعمار الفرنسي، مسرح بات جزءا من الذاكرة المسرحية المغربية و العربية و الدولية، هذا هو التكريم الذي أنتظره من مجلس جهة الدار البيضاء سطات و ليس “الصدقة”. و إذا كان مبدأ “الصدقة” قد بات عرفا يعامل به الفنان المغربي في وطنه فليكن متحف عبد القادر البدوي صدقة جارية على روحي و على أرواح شهداء المسرح المغربي، صدقة جارية تحمل علما ينتفع به للأجيال المتعاقبة، يتعرفوا من خلالها على تاريخهم و نضالات أجدادهم و فنانيهم من أجل استقلال الوطن و بنائه و من أجل ترسيخ قيم الحرية والكرامة و المساواة و حقوق الانسان.
نحن نحتاج لمجلس جهة يفتح المجال لكل الفنانين المغاربة الشباب من الأطر العليا المتخصصة من أجل ضخ دماء جديدة في مشهد فني و مسرحي ثقافي بات يحتضر في أكبر مدينة في المغرب . مجلس قادر على كسر الفراغ الثقافي و المسرحي و الفني “المفروض” على جهة الدار البيضاء سطات، فراغ تستفيد منه اللوبيات الفرنكوفونية التي فتحت دكاكينها الثقافية من أجل تسويق ثقافة فرنكواستعمارية تستهدف ثقافتنا الوطنية و هويتنا المغربية بمقوماتها الحضارية و على رأسها اللغة العربية، فراغ ثقافي أعطى الفرصة للوبي الفرنكوفوني في التنظير للرؤية التي يجب أن يدار بها “المسرح الكبير لمدينة الدار البيضاء”، مسرح يشيد بأموال الشعب المغربي و بعد مسار نضالي طويل للفنانين المغاربة طالبوا خلاله بإعادة تشييد مسرح بالدار البيضاء منذ هدم المسرح البلدي سنة 1984، بات المسرح الكبير في الدار البيضاء في ظل هذا الفراغ “المصنوع” مستهدفا من طرف اللوبيات الفرنكوفونية من أجل احتلاله حتى ينفردوا بقيادة المشهد الثقافي والمسرحي و الفني في مدينة الدار البيضاء ، في غياب تام للتنظيمات الفنية المهنية التي من المفروض أن تتصدى لهذا الإختراق و أن تحافظ على مكتسباتنا النضالية و أن تدافع على استقلال المشاريع الثقافية الوطنية عن كل أشكال التبعية، و في صمت للمنتخبين سواء كان مجلس مدينة الدار البيضاء الذي أوقف بكل إهانة و تعسف كل تعامل مع مسرح عبد القادر البدوي أو مجلس جهة الدار البيضاء سطات.
و السؤال الذي يطرح نفسه الآن هو هل من باب الصدفة أن يتم حظر أي نشاط مسرحي أو ثقافي لمسرح عبد القادر البدوي بمدينة الدار البيضاء؟ أم هناك من يزعجه حضور عبد القادر البدوي و مسرحه في المشهد المسرحي البيضاوي؟ و إذا كان الإقصاء و الإضطهاد و التحقير من الفنانين المغاربة هي “السياسة الثقافية” التي ينهجها كل من مجلس مدينة الدار البيضاء و مجلس جهة الدار البيضاء فهل ممكن أن نعتبرها عنوانا “للرؤية” المستقبلية التي سيدار بها المسرح الكبير بالدار البيضاء؟ و هل سيقدم هذا المسرح “الكبير” مسرحا مغربيا كبيرا يليق بتاريخ و تطلعات هذه الأمة أم سيعمل على “تصغير” المسرح المغربي و الثقافة المغربية من أجل تلميع الثقافة الفرنكواستعمارية حتى تحافظ فرنسا على مصالحها الإقتصادية في المغرب و لوعلى حساب ثقافتنا وكرامتنا.