“حراك العدول” باق ويتمدد… خروج للشوارع و”انتفاضة” بطعم ملف مطلبي مستعجل
دخل “حراك العدول”، مرحلة جديدة سيكون لها ما بعدها خلال القادم من الأيام بعد تهديدهم بالنزول للشوارع دفاعا عن مهنتهم، ولإجبار وزارة العدل للجلوس لطاولة الحوار من أجل تصفية عدد من الملفات العالقة والتي ترهن مصير المهنة والمهنيين.
وفي هذا السياق قال عبد الرزاق بويطة الكاتب العام للجمعية المغربية للعدول الشباب، “إن مهنة التوثيق العدلي في المغرب تعيش ظرفية خاصة جدا، إذ باتت ترزح تحت عدة عوائق تحجب المسار الطبيعي للمهنة على الرغم من عراقة هذه الحرفة وكونها لصيقة بالمجتمع المغربي وتاريخه؛ إلا أنها لم تأخذ حقها الكافي في الآونة الأخيرة وتم سحب عدة اختصاصات منها وتأتي هذه الندوة الصحفية تعبيرا عن حالة عدم الرضى عن الواقع المهني وعدم التعاطي الجاد مع مطالب العدول بالجدية المطلوبة وانعدام الشفافية من طرف الوزارة الوصية وعدم اعتماد المقاربة التشاركية الحقيقية في تدبير الشأن المهني وهو ما فهم منه العدول عدم معاملتهم بالاحترام اللازم والاعتبار لمطالبهم بالطريقة اللازمة… وإن كانت الجمعية المغربية للعدول الشباب تعلل خطواتها النضالية السابقة واللاحقة بنقطتين وهي تاخر صدور القانون المنظم للمهنة، وعدم خروج مرسوم اتعاب العدول الموثقين، إلا أن الحقيقة تتمثل في كون الاحتقان سببه فقدان الثقة في اسلوب تدبير كل القضايا المهنية المرتبطة بالتوثيق العدلي من طرف الوزارة الوصية والشعور بأن المهنة مستهدفة من طرف خصوم كثيرين يريدون حشر العدول في الزاوية.”.
وأضاف بويطة خلال ندوة نظمت صباح يومه الجمعة 13 مارس 2020، بعنوان: “العدول غاضبون من وزارة العدل: “قانون مهني مؤجل، ووضع مهني غامض”، بإحدى فنادق الدار البيضاء، “كما أن الوزارة الوصية – وزارة العدل- تعاملت مع الملف المطلبي للسادة العدول بنوع من التغافل واللا مسؤولية وتعاملت مع الممثل القانوني للعدول أي الهيئة الوطنية بشكل لا مسؤول وجعلت منه مجرد ديكور”.
من جهته أكد سعيد الصروخ المستشار القانوني للجمعية المغربية للعدول الشباب، “أن هذه الندوة الصحافية تأتي في سياق المشاكل الجمة التي تواجه عدول المملكة، ولتبرز أن مهنة التوثيق العدلي هي مرفق عمومي أساسا يؤدي خدمات عامة للمواطنين في توثيق معاملاتهم والاستجابة للحاجيات الوطنية لحفظ المواطنين لمراكزهم القانونية ولتوثيق علاقاتهم ومعاملاتهم على مختلف الأصعدة من شخصية وأسرية وعقارية ومالية ومجالات حياتية أخرى مختلفة تهم المصالح وتقدم الخدمة العامة للمواطنين”.
وأضاف الصروخ، “ما نريد التأكيد عليه أولا هو أن مهنة التوثيق حفظت الذاكرة المغربية وساهمت في تأمين الاستقرار المجتمعي بدءا من عهد قديم وتواصل ذلك إلى هذا التاريخ، حيث مهنة التوثيق العدلي هي جزء من الهوية الوطنية وجزء من الموروث القانوني والشرعي والمجتمعي للدولة المغربية… فالمعطى التاريخي الذي لا يستطيع أحد أن يزايد عليه هو أن هذه المهنة ارتبطت بكل مجالات الحياة الاجتماعية بدءا من المجال السياسي متأثرا ببيعة الملوك المغاربة وارتبطت بالمجتمع في أدق خصوصياته بدءا من حفظ الأنساب من خلال توثيق المعاملات الزوجية والآثار المترتبة عن تلك العلاقة من نسب وحضانة وكفالة… ارتبطت مع كل المواطنين في كل حياتهم ومجالاتهم وأنشطتهم اليومية من التزامات وإقرارات وعلاقات تعاقدية مختلفة في مجال العقاري وفي المجال التجاري وفي المجال المالي وفي المعاملات المختلفة ثم كانت ومازالت مهنة قضائية مساعدة بامتياز على اعتبار أنها توفر الوثائق التي بإمكان المواطنين اعتمادها في نزاعاتهم القضائية”.
واستطرد المستشار القانوني قائلا “فلا يتصور أن تكون هناك نفقة بدون عقد زواج ولا يتصور أن يكون هناك تنازع أمام القضاء من غير إثبات الصفة سواء في المقاسمات أو العلاقات المتعلقة بالمنازعات في العقار أو فيما يتعلق بإثبات حيازة أو يتعلق باستمرار لملف الدعاوى العقارية وهكذا إثبات الوقائع المادية التي يمكن اعتمادها أساسا قانونيا ومرتكزا في الدفاع القانوني للمواطنين أمام القضاء، فالأخير يعتمد بالأساس على الوثائق التي ينجزها السادة العدول بل أكثر من ذلك حتى الرسوم العقارية القائمة هي قامت أساسا على الوثائق العدلية، فالرسوم العقارية مطلب تحفيظي يمكن المحافظة العقارية من تطهير الرسوم العقارية من خلال مسطرة التحفيظ أساسا يتم عبر الإدلاء بالوثائق العدلية فالوثائق العدلية هي التي قامت عليها هاته الرسوم العقارية”.
وزاد الصروخ قائلا “هناك محاولة لإيهام الرأي العام بمعلومات مغلوطة على أن التوثيق العدلي ينحصر في دائرة معينة وهي دائرة الأسرة من زواج وطلاق كما هو سائد في النظرة النمطية لمهنة التوثيق العدلي، بينما الأصل الذي تشهد به كل النصوص القانونية ويشهد به الواقع والتاريخ أن مهنة التوثيق العدلي هي مهنة قائمة الولاية العامة في التوثيق وأشار إلى أنه “بحيث أن كل ما يصح توثيقه مما لا يعارض القانون والشرع فهو مجال التوثيق العدلي نعم ثم ترويض القانون أحيانا ولا يتم العمل به لأجل خدمة مصالح فئوية أحيانا لجهات معينة من خلال مجموعة من النصوص في هذا القانون أو ذاك”.
وشدد الصروخ قائلا “نريد من خلال هذه الندوة الصحافية رد الاعتبار للمهنة ودفع كل محاولات المساس بالسادة العدول ورمزية المهنة إما الحفاظ على قيمتها كمهنة رمزية تاريخية في أشد وأحلك فترات التاريخ المغربي منذ الاستعمار الفرنسي الغاشم والتي سجل فيها التوثيق العدلي موقفا بطوليا تمثل في رفض العدول المغاربة توثيق معاملات الأجانب على العقارات الأجنبية التي اعتبروها شكلا من أشكال خدمة المستعمر”.
وحول أهم مطالب العدول قال سعيد الصروخ المستشار القانوني للجمعية، “إن المطلب الآني لكل السادة العدول “مطالبة الوزارة الوصية بالتعامل الجدي مع المطالب المعقولة للسادة والسيدات العدول الذين يؤدون خدمات للمواطنين والمواطنات، والمصلحة العامة أيضا تقتضي عصرنة المهنة وتمكينها من قانون عملي وإجرائي يعطي آلية للاشتغال العملي وتصوروا معي أن السادة الدول مازالوا يشتغلون بمذكرة الحفظ ومازالت مذكرتهم تقليدية لا تتجاوب نهائيا مع الضمانات ومع تسهيل عملهم بل أن السادة العدول حينما يذهبون لمؤسسات عمومية دون ذكر الإسم نشعر بأن القائمين عليها حين ما نضع أمامهم مذكرة الحفظ يشعرون وكأنهم أمام الضابطة القضائية ويتحسسون من هذه المذكرة لأنهم اعتادوا بأن المهن الأخرى تسلمهم محاضر محررة للتوقيع عليها”.
وحول أهم المطالب العدلية قال الصروخ “هي مطالب عادية معقولة منصفة ولا تتطلب من الوزارة اعتماد أساليب توزيع هذه المطالب بين عدد من المتدخلين فمثلا حينما طالب السادة العدول بفك الارتباط مع مؤسسة قضاء التوثيق فإنهم انطلقوا أي قضاء التوثيق من أنه ليس هناك أي نص شرعي واعتبروا أنه لا معنى ولا ضرورة قانونية أو واقعية تبرر استمرار هذه المؤسسة في الوصاية على العدول بخلاق القانون الحالي قضاء التوثيق أصبح تحجيرا وإهانة في حق السادة العدول، تصورا معي أن هناك من العدول من هو أستاذ جامعي ودكتور في القانون يمكن أن يعترض السيد قاضي التوثيق على مذكرته لمجرد خلاف حول كلمة مستعملة أو مصطلح ثم نتحدث عن النجاعة وجودة الوثيقة والسرعة في إنجاز الوثيقة وهذه مصالح تقتضيها المصالح العامة للمواطنين مسألة أخرى إذا كان في تاريخ معين كان قضاء التوثيق يعتبر ضمانة لأنه مساعد للسادة العدول على إنجاز الوثائق في مستوى مقبول الآن أصبح ذلك مرفوضا، تصورا معي أن المهنة تضم أكثر من 10 في المائة من الدكاترة وذوي الشهادات العليا والأساتذة الجامعيين تصورا أن مثل هاته النماذج المشرفة قد تحتاج لقاض قد لا يتجاوز مستواه الإجازة ليمارس عليه الوصاية وهو منطق مرفوض”.
وأضاف الصروخ، “هناك مشكل أساسي آخر هو الحرمان من منطق المنافسة، تخيلوا أن مواطنا يقصد مكتب محامي أو موثق فينجز الوثيقة في حينها بينما السيد العدل يحتاج لمجموعة من القنوات بينها قاضي التوثيق ثم الناسخ أو النساخة اليدوية التي تعتبر شكلا تقليدا أمام الوزارة الوصية التي باتت تعتمد الآن المحكمة الرقمية ونحن كعدول دخلنا في هذا المخاض لأننا نعتبره شيئا إيجابيا لأنه كانت من الضمانات التي دافعنا عنها فنحن كنا بحاجة لسجل إلكتروني يحف معاملات المواطنين المغاربة في المجالات العقارية لأن السجل التقليدي لا يمكن أن يحمي المواطنين”.
وزاد قائلا، “العدول طالبوا بتوفير الحماية الأمنية طالبوا بمدونة بتوفير مدونة سلوك لمحاسبة السادة مخالفة لما ورد بالقانون الجنائي… ولكن المطلب الأساسي يبقى هو اعتماد المقاربة التشاركية الحقيقية من قبل وزارة العدل في التعاطي مع المهنة من خلال إشراك العدول ممثلين من خلال الهيئة الوطنية للعدول كشريك حقيقي في الاقتراح وصياغة القانون المنظم للمهنة بدلا من المشاركة الشكلية للسادة العدول واعتماد التوجهات أو الفلسفة أو التصورات النمطية لدى وزارة العدل بخصوص المهنة ومطالب السادة العدول”.
من جهته دعا عبد الرزاق بويطة في الأخير الإعلاميين للانفتاح على مهنة العدول والتعاطي مع هموم المهنيين الشائكة شأنها شأن عدد من القطاعات بالمغرب الحبيب.