6 مارس 2025

القرار في الرباط والنواح في قصر المرادية.. “لا يتناطح فيه كبشان” العقدة مستمرة لدى العالم الآخر

القرار في الرباط والنواح في قصر المرادية.. “لا يتناطح فيه كبشان” العقدة مستمرة لدى العالم الآخر

 

 

محمد فجري

لعل من أحد أجمل أبيات الشاعر الكبير أبي الطيب المتنبي هو قوله، “وارفق بنفسك إن خلقـك ناقص.. واستر أباك فإن أصلك مظلم”،  ورغم أن السياقات والأزمنة والأمكنة مختلفة قليلا، لكن هذا البيت هو تعبير حالي وتوصيف دقيق لحال جار السوء المسمى الجزائر وحالة الذهان العقلي (اضطراب نفسي يلاحظ فيه على المريض وجود أوهام أو ضلالات بالإضافة إلى الهلاوس إن كانت سمعية أو بصرية أو حسية أو شمية أو تذوقية كما من الممكن حدوث تصرفات غير منطقية و غير مرتبة)، وينضاف للذهان الحساسية المفرطة من كل ما يحدث داخل المملكة المغربية الشريفة وإن كان لا يعني الجزائر سواء من قريب أو من بعيد.

إن العالم الآخر اليوم خصوصا صانعي القرار هناك باتوا يعيشون حياتنا، يتتبعون تفاصيلنا وأشياءنا البسيطة ويومياتنا أكثر منا نحن المغاربة المعنيون بالأمر شغلهم تبونهم وشنقريحتهم بنا، حد أنهم تناسوا فقرهم ووقوفهم بالساعات أمام طوابير يومية مذلة يتسولون حليبا والعديد من المواد الأساسية في مشاهد وثقتها كاميرات العالم، ولم يشفع لهم بترولهم ولا غازهم في تفادي مهانة ما بعدها مهانة، وتناسى الجزائريون مشاكل البلاد الكثيرة والكبيرة وإخفاقاتهم في كل الميادين ونهب خيراتهم لفائدة كيان وهمي وأوقفوا كل هذا وقفزوا عليه وأصبحوا محللين وفقهاء في الشأن المغربي!!! يحللون كرتنا وسياستنا واقتصادنا وفننا ومجتمعنا وزليجنا وتراثنا… !!! ما جعل بيت آخرا للمتنبي دائما يصدق فيهم حين قال: “أنام ملء جفوني عن شواردها ويسهر الخلق جراها ويختصم”، فالمتنبي، كان يطلق أشعاره وينام فيما يقضي الأصدقاء كما الخصوم ليالي بيضاء في محاولة ترجمة معانيها، وهو ما ينطبق على العالم الآخر يفتي ويفسر ويتحرك ويحاول الفهم ويكذب ويغالط… تجاه أي خطوة أو قرار مغربي يخص المغاربة حصرا وبعبارة أصح “القرار في المغرب والمعارضة في الجزائر وبات المغرب يبنى وينجز فيما يقف العالم الآخر على الأطلال ويحاول التقليل من أي نجاح أو تقدم مغربي”.

تعكس الآلاف من المقالات التي تنشر سنويا في كل وسائل إعلام العالم الآخر، عقدة إليكترا تجاه المغرب – مصطلح وضعه سيغموند فرويد ويشير إلى التعلق اللاوعي للفتاة بأبيها وغيرتها من أمها وكرهها لها – فتعلق الجزائر البنت بأبيها المغرب تطور لكل المجالات وتحول لمعارضة شبه يومية حتى في القرارات السيادية للمملكة المغربية الشريفة، مقالات تصدر في صحافتهم تكذب وتفتري وتسب وتغلط وتلفق وتسب بأقدح النعوث ويلصقون كل نكباتهم وكبواتهم في جار لطالما دافع عنهم لحظة استعمار.

لقد تحول العداء الجزائري للمغرب لمرض مزمن يصعب التشافي منه، يقلدون طقوسنا في الاحتفال بالأعياد سرقوا لباسنا وتراثنا ومطبخنا وزليجنا… كما سرقوا صحرائنا الشرقية وجزءا من أراضينا وينفقون ملايير الدولارات سنويا فقط مقابل لحظة تشفي فينا أو دعما لأي خطوة قد تعيدنا للوراء وتقسم أرضنا، بل ويغضبون حينما تعترف القوى الاستعمارية السابقة لأرضنا بالحقيقة وتقول أن صحرائنا لنا، يتحدثون بلساننا عن أن ملاعبنا التي ستحتضن “الكان” المقبل وكذا كأس العالم غير جاهزة، يتدخلون في علاقاتنا وقراراتنا ومصالحنا واتفاقاتنا مع الدول، يعلقون على فرحنا وبكائنا على سعادتنا وحزننا، لا يعجبهم أي شيء فينا وفي الوقت نفسه يتمنون لو كانوا مكاننا إنه لا الحمق بعينه.

وتبقى آخر المضحكات المبكيات على حد تعبير المتنبي الذي لا يوجد أقوى من شعره لتوصيف الغل الجزائري هو تعليقهم على مناشدة خاصة من ملكنا الغالي نصره الله وجهها لشعبه بخصوص شعيرة عيد الأضحى وإعطاءها تأويلات وتفسيرات مضللة ومجانبة للصواب ويبقى دافعهم طبعا هو الكذب البواح والتأليب ومحاولة التشكيك من بوابة الدين هاته المرة بعد أن جربوا بوابات كثيرة فطن لها المغاربة وأقفلوها في وجوههم، ولأنهم في العالم الآخر أغبياء ويحكمهم البلداء والجهلة ومرضى الأبدان والعقول والبلهاء والحمقى والسفهاء والكسالى وقليلو العقول والمخبولون والرعان… فلا بأس أن نخاطبهم على قدر عقولهم الصغيرة ونشرح لهم كما يشرح المعلم للطفل على قدر استيعابه وفهمه القاصر.

لقد حملت الرسالة السامية التي وجهها أمير المؤمنين، صاحب الجلالة الملك محمد السادس، نصره الله، إلى شعبه الوفي حول موضوع عدم القيام بشعيرة ذبح أضحية العيد، والتي تلاها وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية، أحمد التوفيق، مساء الأربعاء الماضي، العديد من الرسائل النبيلة والإنسانية والتي ورد فيها العديد من الكلمات المفتاحية من أجل فهم واضح ولا يقبل الكثير من اللبس والتأويلات لهاته المناشدة الملكية ومن بينها عبارة ” وأخذا بعين الاعتبار أن عيد الأضحى هو سنة مؤكدة مع الاستطاعة، فإن القيام بها في هذه الظروف الصعبة سيلحق ضررا محققا بفئات كبيرة من أبناء شعبنا، لاسيما ذوي الدخل المحدود”.

وورد ضمن الرسالة عبارة أخرى لا تقل أهمية، “ومن منطلق الأمانة المنوطة بنا، كأمير للمؤمنين والساهر الأمين على إقامة شعائر الدين وفق ما تتطلبه الضرورة والمصلحة الشرعية، وما يقتضيه واجبنا في رفع الحرج والضرر وإقامة التيسير، والتزاما بما ورد في قوله تعالى: “وما جعل عليكم في الدين من حرج”، فإننا نهيب بشعبنا العزيز إلى عدم القيام بشعيرة أضحية العيد لهذه السنة. وسنقوم إن شاء الله تعالى بذبح الأضحية نيابة عن شعبنا وسيرا على سنة جدنا المصطفى عليه أفضل الصلاة وأزكى السلام، عندما ذبح كبشين وقال: “هذا لنفسي وهذا عن أمتي”.

وواصل جلالته قائلا: “شعبي العزيز، نهيب بك أن تحيي عيد الأضحى إن شاء الله وفق طقوسه المعتادة ومعانيه الروحانية النبيلة وما يرتبط به من صلاة العيد في المصليات والمساجد وإنفاق الصدقات وصلة الرحم، وكذا كل مظاهر التبريك والشكر لله على نعمه مع طلب الأجر والثواب”.

ولعقل العالم الآخر نقول أن كلمة نهيب التي وردت مرتين في الرسالة الملكية للتأكيد على شيء محدد للغاية لها معنى واضح في اللغة العربية وبإجماع كل القواميس فكلمة “يهيب” في اللغة العربية حينما تصدر من ملك أو رئيس فهي دعوة أو مناشدة مثال : يهيب الملك أو الرئيس بالمواطنين إلى التحلي بالصبر (أي يدعوهم أو يناشدهم).

فجلالة الملك خاطب شعبه بما يحمله نصره الله من رمزية دينية وانطلاقا من كونه رئيس الدولة، وممثلها الأسمى، ورمز وحدة الأمة، وضامن دوام الدولة وغيرها من الرمزيات التي لا يفهمها سوى المغاربة والدليل أن كافة الشعب المغربي فهموا رسالة ملكهم لهم بل وقابلوها بترحاب وحب كبير لما رفعته عنهم من حرج ولرفعها ثقلا كبيرا عن عاتقهم، فجلالته لم يلغي شعيرة ولم يأمر بعدم ذبح، بل على العكس من ذلك فديننا ينصح بترك عدد من الواجبات في حالة عدم الاستطاعة، لكن وبما أن العين عين العالم الآخر الحاقد، تناسلت الإشاعات والكذب بعد هذه المناشدة الملكية رغم أن الأمر برمته لا يعني الجزائر حكومة ولا شعبا من قريب أو من بعيد ورغم أن هناك مطالب اليوم في الجزائر للاحتذاء بمناشدة ملك المغرب لشعبه عوض ترك أكثر من نصف الشعب دون أضحية بسبب نقص الأضاحي وغلاء القطيع هناك وهو الموضوع الذي يثير لديهم جدلا سنويا وما يزال، ولعلنا سنشهد بحول الله قصصا مثيرة للاهتمام ستطرب مسامعنا بعد أقل من أربعة أشهر حينما يعجزون عن توفير الأضاحي للضفة الأخرى وكما يقول المثل إن غدا لناظره لقريب ولعل صياحهم سنسمعه من الحدود ولعل ما ينبغي فعله السير على خطى المثل الشهير لقائله فيثاغورس “لا تجادل الأحمق، فقد يخطئ الناس في التفريق بينكما!.”.